الخلاصة الندية في الدعوة الإلكترونية
دليلك الإرشادي للدعوة الإلكترونية - إعداد أحمد بن عبد المحسن السوهاجي
الفهرس
المقدمة
الحمد لله الذي هدانا للإيمان وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على البشير النذير والقمر المنير، خير من دعى إلى ربه في أبلغ قول وأحسن تفسير، وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى من تبع هداهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين…
أما بعد:
فقد استشرى في هذا الزمان استخدام الشبكة العنكبوتية، ودخلت بيوت الناس أجمعين وارتبط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، وأصبح العالم قرية واحدة، وتستطيع بضغطة زر واحدة أن تصل إلى أقصى الشمال والجنوب!
والدعاة إلى الله يواكبون هذه التطورات ويسخرونها لنصرة الدين وتبلغيه للعالمين، ومن فضل الله عز وجل انتشار المراكز الدعوية الإلكترونية هذه السنوات، وعلى رأسها مركز سلام للدعوة الإلكترونية الذي أشرف بالعمل فيه، ويضم المركز عددا من الدعاة إلى الله باللغات الأجنبية يواصلون كلال الليل بكلال النهار في التعريف بالإسلام ورد الشبه المثارة عليه من قبل المكينات الخبيثة التي تعمل على صد الناس عن الدين، ويتم إجراء عشرات الآلآف من الحوارات الشهرية مع غير المسلمين، ويسلم في الشهر الواحد ما يزيد على ألف وخمسمئة شخصا بفضل الله عز وجل!
ولهذا الصدد، استعنت بالله عز وجل في كتابة هذه الكلمات لتكون عونا للدعاة إلى الله في دعوتهم ومرشدا لهم في طريقهم، نبين لهم بعض النقاط ونشرح لهم طرق الدعوة الإلكترونية، وأساليبها، وأنواع المدعوين، وكيفية التعامل مع كل نوع، نسأل الله العظيم أن يتقبل هذا العمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم!.
أهمية الموضوع
لهذا الموضوع أهمية شرعية وأهمية واقعية: فالأهمية الشرعية هي ما جاء في مكانة الدعوة إلى الله عز وجل وفضلها، بل إن مهمة الرسل الأولى هي دعوة الناس إلى التوحيد وتعريفهم بخالقهم عز وجل، ومن أجل ذلك نزلت الكتب وأرسلت الرسل، وانتشر المسلمون في ربوع الأرض ودخل الإسلام قلوب العالمين.
وأما الأهمية الواقعية هي ما نشهده هذه الأيام من تطور رهيب وتغيير جذري في حياة الناس بشأن استخدام التكنولوجيات الحديثة والوسائل الإلكترونية المتطورة، بل أصبح هناك عالمان: عالم واقعي نعيش فيه ونحياه، وعالم افتراضي نجلس أمام الشاشات وعلى لوحات المفاتيح نخاطب الناس في شتى بقاع الأرض، ولذلك كان ينبغي أن يحرص المسلمون على تسخير هذا العالم الافتراضي واستغلال تلكم النظام الإلكتروني في الدعوة إلى الله عز وجل!
وإذا كنا نرى كثرة في كتابات العلماء عن الدعوة إلى الله وأساليبها وما يتعلق بها، إلا إنها تتعلق في المقام الأول بالدعوة الميدانية المتعلقة بالعالم الواقعي، أما ما يتعلق بالدعوة الألكترونية، فالكتابات فيه قليلة، والأبحاث المتخصصة في بيانها وشرحها غير كافية، ولذلك كانت الحاجة ماسة لإبراز بعض المسائل المتعلقة بهذه الدعوة حتى يستفيد منها المهتمون بهذا المجال! والله الموفق والمعين.
أهداف البحث:
1- حصر لأبرز الوسائل المستخدمة في الدعوة الألكترونية.
2-بيان أنواع المدعويين وكيفية التعامل مع كل نوع.
3- وضع الآداب والفنيات العامة للداعية.
4-توفير أهم التعريفات المقنعة عن الإسلام.
5- الرد على أبرز الشبهات التي يتعرض لها الداعية.
وغرضي الأول والأخير من هذا الكتاب أن يستطيع قارئه من خلاله أن يُعرِّف بالإسلام من بيته وأن يستغل هاتفه المحمول في ما يرضي رب العالمين، وبفضل الله عز وجل عقدت عددا من الدورات في هذا الباب وبعض المشاركين في الدورات بدأ يطبقها وتواصلت معه بعد فترة فأخبرني أنه يسلم على يديه شهريا أكثر من مائة شخص، بل وبعضهم يحدثني أنه يجلس من الثامنة صباحا إلى الثانية عشر ليلا يحاور غير المسلمين ويعرفهم برب العالمين ولله الحمد أولا وآخرا وظاهر وباطنا.
فضل الدعوة إلى الله عز وجل
فإن الدعوة إلى الله مقام الأنبياء، وشرف الأولياء، وزينة العلماء، وهي قطب رحى هذا الدين: إذ بها صلاح العالمين ودلالتهم على رب الناس أجمعين، بل أشرف مقام وأعلى وسام يحصله المرء في هذه الحياة أن يكون داعية إلى الله عز وجل.
كما قال سبحانه وتعالى:
﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال أنني من المسلمين﴾.
وقد أمر الله بالدعوة فقال::
﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.
وجاء على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم».
وفي رواية أخرى: «خير لك مما طلعت عليه الشمس».
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا».
عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دلَّ على خيرٍ، فله مثل أجر فاعله»
طرق ووسائل الدعوة الإلكترونية
هناك طرق في الدعوة الإلكترونية، نجملها في الآتي:
إنشاء موقع ويب
وتقوم هذه الفكرة على إنشاء موقع إلكتروني للتعريف بالإسلام والرد على إستفسارات الزوار، ويمكن عمل إعلانات ممولة لنشر الموقع بين الفئات المستهدفة، فيدخل الزائر ويقرأ التعريفات الموضوعة عن الإسلام وأدلة صدقه، وإذا أراد أن يسأل سؤالا يتواصل عن طريق الشات مع الداعية على الموقع، وتبدأ منه رحلة التعرف على الإسلام، وهي طريقة فعالة لكنها تحتاج إلى عمل مؤسسي غالبا، لتكلفتها وتعدد المهام التي تحتاجها في بادئ الأمر.
المجموعات العامة
وهي فكرة تقوم على دخول الداعية بحسابه الخاص على الواتس أو التليجرام إلى جروبات عامة في اللغة المستهدفة سواء العربية أو الإنجليزية ويبدأ في تكوين صداقات وعلاقات بغرض تعلم اللغة مثلا أو التخسيس أو اللياقة البدنية أو غيرها من الأمور الحياتية، وبعد مصاحبتهم والتعرف عليهم، يقوم بدعوتهم إلى الإسلام عن طريق الخاص، وأحد الشباب الذين أعرفهم وكان يعمل معنا في مركز سلام أسلم معه ثمانية أفراد خلال شهر بهذه الطريقة! فكان يدخل إلى جروبات تعلم اللغة الإنجليزية للأسبانيين، ويدعوهم إلى الإسلام واستجاب له ثمانية خلال شهر واحد ونطقوا الشهادتين!
مواقع التواصل الاجتماعي
ونتكلم عن أشهرها إنتشارا وأكثرها إستخداما وهو الفيس بوك، وهو في نظري أفضل الوسائل وأنجعها في الدعوة هذه الفترة، وهناك طريقان رئيسيان من خلال الفيس بوك.
الإعلانات الممولة:
وهذه تكون عبارة عن صفحات تقوم بإعداد وتصميم منشورات للتعريف بالإسلام على الفيس، ثم ترويج بعضها في البلاد المستهدفة، ويبدأ الناس بالدخول إلى رسائل الصفحات وإبداء أسئلتهم والتعرف على هذا الدين بشكل أكبر، ويكون هناك داعية مختص على الصفحات يرد على الرسائل بصورة مرنة وسهلة، وبعد ذلك يأتي الفتح من الله على أيدي الدعاة!
وهذه الوسيلة الأقوى في هذا الباب وقد تكون أقوى من الدعوة الميدانية لأنك تتحكم في استهداف الجمهور وتستطيع أن تصل إلى أكثر من بلد في نفس الوقت وهذا لا يتوفر في الدعوة الميدانية، ومن أبرز إيجابياتها أن المدعو هو الذي يأتي اليك، مما يبين إهتمامه بالأمر ويعزز فرصة دخوله في الإسلام إلا أن هذه الوسيلة مكلفة ماديا بعض الشئ!
عوامل نجاح الإعلانات الممولة
- الصورة الجميلة المصممة، ويفضل أن تكون صور مناظر طبيعية ملفتة فيها عبارة قصيرة عن جمال الإسلام.
- جملة أو جملتين أو ثلاثة عن الإسلام في المنشور، أو عن مواضيع يحتاجها كل أحد، مثل “هل تبحث عن الخالق العظيم” “هل تشعر بالوحدة؟” “هل تبحث عن الدين الصحيح” “هل يؤمن المسلمون بعيسى؟” ونحو ذلك من العبارات التي تحث عقل المشاهد لها.
- دعوة للحوار في التصميم أو في المنشور ويسميها المتخصصون “call to action”.
- البعد عن المواضع الجدالية بين الأديان.
- التركيز على المعاني العامة والجمالية في الدين.
- النشر الدوري على الصفحات وعمل جدول منظم لذلك.
- الاهتمام بالتعليقات والرد عليها.
الجمهور المستهدف
من خوارزميات الفيس بوك في هذا الأمر وجود اختلاف في التكلفة المالية لكل بلد ولكل قارة، ولذلك الجمهور الأفريقي مثلا ربما يكون أرخصها، والجمهور الأوروبي والأمريكي أغلاها. كما يمتاز الجمهور الأفريقي بقربه من الفطرة السليمة لضعف الماديات عنده، وقلة الشبهات الرائجة هناك، ولذلك، تجده أكثر قبولا للإسلام من غيره، لكن قد تجد أحيانا بعض التلاعب والتهاون منهم بعد ذلك، وهذا بخلاف الجمهور الأوروبي والأمريكي، فإنه يحتاج مجهودا ليقتنع بالإسلام، لكنه أكثر جدية من الأفريقي في قراراته، ومثله البرازيلين وأهل أمريكا الجنوبية عموما فإنهم أقرب لقبول الإسلام من الأوروبيين! وهذا هو الأغلب ولا يعني وجود استثناءات في النوعين.
الصفحات الشخصية:
وهذه وسيلة لا تحتاج إلى أموال ولكنها تحتاج إلى وقت وجهد، يقوم الداعية بإنشاء صفحة شخصية له على منصة فيس أو غيرها من المنصات باللغة التي يحسنها، ويبدأ بعدها في أحد طريقين أو في الأثنين معا:
الأول: الدعوة الفردية
ويقوم فيها الداعية بالبحث عن أشهر الصفحات باللغة المستهدفة كصفحات الطبخ باللغة الإنجليزية، أو صفحات المشاهير واللاعبين، ثم يدخل عليها وعلى منشوراتها و يرسل طلبات صداقة للمعلقين على منشورات الصفحة، وخوارزميات الفيس بوك تبدأ باقتراح أصدقاء له من نفس لغة واهتمام الطلبات التي أرسلها، وبعد فترة قصيرة تتكون عنده قاعدة أصدقاء ينطلق منها ويتعرف عليهم، ومن ثم يدعوها إلى الإسلام بصورة فردية على الخاص.
ومن إيجابيات هذه الطريقة سهولتها وعدم وجود كلفة مادية فيها، وتكوين علاقات شخصية قد تكون نواة للطريق الثاني!
الثاني: الصفحة الدعوية العامة
وهو تضخيم عدد المتابعين والأصدقاء من الجمهور المستهدف بنفس الطريقة ثم يتم نشر التعريفات بالإسلام وغيره في صورة مقالات، وصور وفيديوهات ويبدأ المتابعون بالتفاعل والتعليق ونحو ذلك، والفرق بين هذا الطريق والذي قبله أن الأول صفحة شخصية ولا يظهر عليها أنها دعوية، والثاني دعوي في المقام الأول، والبعض يجمع بين الطريقين والموفق من وفقه الله عز وجل!
هل أحتاج إلى ممول للوصول إلى الناس؟
بالطبع لا تحتاج إذا اشتغلت على طريقة الصفحات الشخصية، فهي طريقة مجانية تماما، لكن لا تحرص على كثرة الداخلين في الإسلام دون الإهتمام برعاية هؤلاء المسلمين الجدد. بعض الناس همه عدد المعتنقين بالإسلام وبعد ذلك لا يتواصل مع المسلم الجديد! وهذا خطأ، بل يجب على الداعية أن يهتم بتعليم المسلم الجديد أمور دينه حتى لا يرجع ولا ينكص على عقبيه مرة أخرى، ولذلك لو أنك ركزت على إسلام شخص أو شخصين ثم تابعتهم وعلمتهم أحكام الإسلام لكان ذلك خيرا عظيما، ويمكنك أن تتشارك مع صديق لك: أحدكما يحاور غير المسلمين والآخر يعلم ويتابع المسلمين الجدد.
أساليب الدعوة إلى الله
قدر الله عز وجل كونا اختلاف الأفراد في العقول والأذهان، ومستويات الفهم، وطرائق الإقناع: فما يقنع عمرا لا يقنع زيدا وما يقنع زيدا لا يقنع عمرا وهكذا، وإن كان بلا شك هناك قواعد متفق عليها بين جميع العقلاء في أساليب الإقناع لا ينكرها أحد!
والداعية الأريب هو الذي يعرف أنماط الشخصيات وأنواعها ويعرف كيف يتعامل مع كل نوع ونمط!
فهناك أساليب تُحرِك الشعور والوجدان: ويدخل فيها أسلوب الترغيب والترهيب، وأسلوب الوعظ والتذكير، وأسلوب الدعاء للمدعو، وأسلوب تحريك الفطرة بتذكيرها بخالقها الواحد الأحد.
وهناك أساليب تدعو إلى التفكُّر والتَّدبُّر: ويدخل فيها أسلوب المقارنة بين الحَسَن والقبيح، كالمقارنة بين الإله في الإسلام والإله في النصرانية، وأسلوب التشبيه، وأسلوب التوضيح والتعليل وأسلوب المناظرة، والرد على الشبهات.
وهناك أساليب تعتمد على التجارب الإنسانية والحس: مثل أسلوب القدوة الحسنة، ، وأسلوب الإحسان إلى المدعوين بذكر نماذج من السيرة النبوية في إحسانه مع المسلمين وغير المسلمين وكذا أخلاق المسلمين حتى في الحروب .
أصناف المدعويين
بعد عصر لخبرات متراكمة في هذا الباب، ونقاش مع المتخصصين في الدعوة إلى الله عبر الإنترنت، خلصنا إلى نوعين رئيسين في الدعوة إلى الله.
النوع الأول: الشخص المسالم
تعريفه:
وهو صاحب الفطرة السليمة التي غشاها بعض من ركام تقليد الآباء واتباع الأهواء، ولا يحتاج هذا الشخص سوى إرجاعه إلى فطرته السليمة وتذكيره بها!
خطوات دعوته:
أولا: ينبغي أن نحل العقدة من أذهاننا من أنه لابد من معجزات وخوارق يراها الشخص حتى يقتنع بالإسلام! بل الأمر أبسط من ذلك جدا. وهذا الدين دين الفطرة السليمة والعقول السديدة! وكثير من الناس يعتنق الإسلام بمجرد معرفته بالأصول العامة له، فلا حاجة لنا أن نبادر الناس بالكلام عن المعجزات العلمية في القران ونحوها من المواضيع الدقيقة جدا التي تحتاج إلى كتب ومحاضرات!
وإليك خطوات دعوة الشخص المسالم:
- تعريفه بمعنى الإسلام العام وأنه الإستسلام لأوامرالله عزوجل الخالق العظيم لهذا الكون والعيش في سلام روحي وقلبي بعيدا عن القلق والحيرة والتوتر الروحي.
2-تعريفه بمعنى الإسلام الخاص، والأركان الخمسة وأركان الإيمان الستة، والتركيز على تعريفه ببعض صفات الخالق الواردة في سورة الإخلاص، فإنها من أخص خصائص الدين! ولي مواقف شخصية مع سورة الإخلاص، منها أن شابا نصرانيا عرفته بالإسلام العام والخاص، ثم أرسلت له سورة الإخلاص، فأكرمه الله عز وجل وأسلم، وتدور الأيام ويذكر لي أن سبب إسلامه هو سورة الإخلاص ووصفها لله عز وجل بأنه واحد أحد لا كما يعتقد النصارى!
وهذه الشريحة- المسالم- ليست بالقليلة، بل هم كثير، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكثر من أن يعرض عليهم الإسلام بصورة مبسطة جدا، ويدعوهم إلى الشهادتين دون إغراق في التفاصيل والقضايا التي تحتاج إلى أيام لشرحها!
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في دعوته لإبي بكر الصديق رضي الله عنه فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «أني رسول الله يا أبا بكر، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته، وأدعوك إلى الله بالحق، فوالله أنه للحق أدعوك إلى الله يا أبا بكر، وحده لا شريك له، ولا نعبد غيره، و الموالاة على طاعته» وقرأ عليه القرأن فلم ينكر، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد، و أقرّ بحقّ الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق
وكذا روي عن عمران بن حصين ، كما في السنن
أنه وفد على رسول الله ﷺ فقال له ﷺ :
«يا حصين ! كم تعبد؟» وفى رواية: «كم تعبد من إله ؟».
قال: أعبد سبعة -هذا وهو مشرك- فقال له: «أين السبعة؟».
قال: ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: «من لرهبك ولرغبك؟» يعني: من إذا اشتدت بك الأمور وضاقت عليك السبل وأغلقت عليك الأبواب.
-قال: الذي في السماء، قال: «فاترك التي في الأرض واعبد الذي في السماء»،
قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، ثم قال له صلى الله عليه وسلم: «ألا أعلمك دعاء؟»
قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: فقل: «اللهم ألهمني رشدي ,وقني شر نفسي»
وغير ذلك مما ورد في شأن علي وخديجة والزبير وعثمان وطلحة والأرقم بن أبي الأرقم، فقد أسلموا مسالمين دون عناد أو جدال!
كيف أعرف الشخص المسالم:
بعد التعرف عليه وتعريفه بالإسلام نسأله: ما رأيك في هذا الكلام، هل توافقني، هل تسمح لي أن أكمل؟ ونحوها من الأسئلة التي تخرج ما يدور في تفكيره! بل قد يبادرك بالسؤال عن كيفية دخوله الإسلام وما هي الشروط لذلك! وكم من شخص كان يدخل إلينا يريد أن يدخل الإسلام بعد أن سئم من عبادة الأحجار والأصنام!
المسالم تجد منه الترحيب والقبول وأحيانا يتردد شيئا بسيطا، لكنه لا يبدي اعتراضا على كلامك ولا يلقي الشبهات عليك!
وفيما يخص عيسى عليه السلام، يوضح له في الركن الأول اعتقادنا في الله عز وجل من نفي الشريك والمثيل والولد، وعند نطق الشهادة، يستحب أن نلقنه « وأن عيسى عبد الله ورسوله» ويكفي في نطق الشهادتين أن يقولها معتقدا معناها بلغته، ويستحب أن يقولها بالعربي أن أمكن ذلك.
الشريحة الثانية: المعاند.
وهذه الشخصية عندها اعتراضات وإشكالات مع الدين الإسلامي، ولذا يحتاج إلى بسط في كلام وتوضيح في الإسلام
وأحب أن أقسم هذه الشريحة إلى نوعين:
الأول: معاند غير حاقد على الإسلام
وهذا النوع لديه العديد من الشبهات العالقة في ذهنه سواء عن الإسلام أو الأديان عموما، ولكنه محب للنقاش ومحب للحق، وإذا ظهر له الحق يقبله ويذعن له!
هذا الشخص يبدي حبه للنقاش والحوار الهادئ وأنه محب للحق، ويوافقك في بعض النقاط والإجابات! وقد يقول لك أنه يحب الإسلام لكن فيه بعض الأخطاء والإشكالات وكذا!
خطوات دعوته:
- تعريفه بالإسلام بالمعنى العام والخاص أولا، وطلب تأجيل نقطة الخلاف معه في بادئ الأمر.
- تحديد نقطة الخلاف الأساسية معه وإدارة دفة الحوار، ثم تبيينها بشكل بسيط جدا دون تعقيد أو إطالة.
- مثال: شخص ملحد يلقي شبهات عن القرأن والمرأة؟ هذا نقطته الأساسية هي إثبات وجود الخالق أولا له، ولا يصح الرد على شبهاته، أو الدخول معه في مسائل جزئية فرعية!
- بعد إثبات وجود الله نتكلم معه عن الأديان وحاجتنا لها، وبعدها عن الإسلام وأدلة صحته، وبعدها يمكنك أن ترد على الشبهات العالقة في ذهنه!
- استثارة ما في ذهنه بين الحين والآخر بعبارات نحو ( أليس كذلك، أعتقد أنك توافقني في هذا، هل ترى أنه بالحوار والبحث سنصل إلى الحقيقة؟…الخ)
- مصاحبته والكلام عن بعض الأمور الحياتية بعيدا عن الدعوة بين الحين والآخر.
- الدعاء له في السجود، وطلب الهداية له من الله.
- عدم التعجل في عرض الشهادتين عليه، فإن العامل الزمني له دور وتأثير في تغيير قناعات الإنسان!
ومن النماذج على هذا النوع قصة إسلام عدي بن حاتم حيث قال: بُعِث رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ حيث بعث فكرهته أكثر ما كرهت شيئا قط، فانطلقت حتى كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم، فقلت: لو أتيت هذا الرجل فأن كان كاذبًا لم يخف عليَّ ، وأن كان صادقًا اتبعته. فأقبلت فلما قدمت المدينة استشرف لي الناس وقالوا: جاء عدي بن حاتم، جاء عدي بن حاتم، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لي: «يا عدي بن حاتم أسلم تسلم»، قال: قلت: أن لي دينا، قال: «أنا أعلم بدينك منك -مرتين أو ثلاثا- ألست ترأس قومك؟» ، قال: قلت: بلى ، قال: «ألست تأكل المِرْبَاع» ربع غنائم الحرب، قال: قلت: بلى ، قال: «فإن ذلك لا يحل لك في دينك» ، قال: فتضعضعت لذلك ، ثم قال: «يا عدي بن حاتم أسلم تسلم ، فأني قد أظن- أو قد أرى أو كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- أنه ما يمنعك أن تسلم خصاصة حاجة وفقر تراها من حولي ، وتوشك الظعينة المرأة على البعير في الهودج أن ترحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت ، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز ، وليفيضن المال -أو ليفيض- حتى يهم الرجل من يقبل منه ماله صدقة» فأسلم عدي رضي الله عنه وأرضاه بعد أن كان معارضًا في بادئ الأمر.
الثاني: شخص معاند حاقد على الإسلام أو الأديان عموما.
تعريفه
وهذا النوع يبدي اعتراضاته وسخريته من الدين وكلما رددت عليه في نقطة فتح في نقطة أخرى، وأذكر أني كنت أتحاور مع قس نصراني، فأثار قضية ألوهية المسيح، فقدمت له من كتابه ما يثبت عكس ذلك وأن عيسى عبد الله ورسوله، فلما ضاق عليه الأمر إذا به يقول لي أن الأنجيل فوق عقولنا ولا يمكن أن نفهمه إلا من خلال الروح القدس، فإذا آمنت بالروح القدس ستفهم الإنجيل؟!
كيفية التعامل معه:
- إرساء مبدأ الحوار معه بشكل منظم ومتحضر والتركيز على هذه النقطة.
- محاولة تأليفه بين الحين والآخر بالأطمئنان عليه .
- إرسال بعض الرسائل التي تتحدث عن جمال الإسلام في التشريعات.
- إذا أغلق كل الطرق عليك، فتسريح باحسان، ويبذل الوقت مع غيره أفضل.
- يتم ارسال روابط كتب ومقاطع له تتحدث عن أدلة صدق الإسلام، فلربما يرجع إليها فيما بعد فتكون سببا في تغييره.
ومن النماذج على ذلك سيرة صناديد الكفار من قريش وغيرها، فأنهم أغلقوا كل باب لدعوتهم ولم يقبلوا الإسلام، أخزاهم الله تعالى.
آداب وفنيات الداعية
- احرص على الإخلاص، فأنه سبب لكل فلاح، قال تعالى: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء﴾ فالعمل بلا إخلاص هباء، ويحرم المرء التوفيق والفتح لضعف إخلاصه، وعلى قدر ما في قلبه من إخلاص على قدر ما ينزل إليه من توفيق الله عز وجل!
- الحرص على تعريف الناس الأصول العامة للدين وعدم الدخول في نقاشات جزئية في بداية الدعوة.
- عند الرد على الشبهات، نقوم بوضع الأسس العامة للموضوع، فمثلا شبهة المرأة في الميراث؟! لابد أولا وأن نبين له نظرة الدين للمرأة وكيف كرمها وأعطاها ما لم يعطها دين آخر، ثم بعد ذلك نبين له الحكمة من جعل المرأة على النصف من ميراث الرجل في بعض حالات الميراث، وسرد الحالات التي تساوي فيها المراة الرجل في الميراث، والحالات التي تحجب فيها المراة الرجل في الميراث.
- كثيرا ما يستخدم الناس مغالطة الرنجة الحمراء، وتُستخدم تلك المغالطة للتعبير عن شخص يتملص من الموضوع الأصلي ويتفرّع منه إلى موضوع آخر قد يكون على صلة به ويخوض تفاصيل الموضوع الأخير ناسيًا أو متناسيًا الغرض الأساسي للمناقشة، فمثلا تتكلم معه عن اركان الإيمان، فإذا به يقول لك «لكن الإسلام يحض على العنف» فهذه الطريقة في الحوار لا توصل إلى شيء، ولذا على الداعية الإنتباه لهذه المسألة!
- إدارة دفة الحوار، الداعية لابد وأن يدير دفة الحوار مع المدعويين، ويحدد النقطة التي سيتكلم فيها، وبعد توضيحها يمكن أن ننتقل لغيرها، فالشخص الملحد لا يصح الكلام معه سوى في قضية وجود الله، وإثبات ذلك أولا، وهكذا .
- لا بأس باستخدام بعض العبارات التي فيها اهتمام به كقولك (كيف حالك يا أخي) استئناسًا بقول الله عز وجل عن قوم نوح ﴿إذ قال لهم أخوهم نوح﴾ وكذلك عبارات نحو (لم نتحدث الأمس، هل كنت مشغولا؟)…الخ
- وضع علامات في برنامج التواصل على الأشخاص المهتمين ونرجوا منهم دخول الإسلام، لأنه مع كثرة الرسائل قد يضيع أشخاص في زحمة الرسائل.
- استخدام التعبيرات – الإيموشنات- في الرسائل كالتبسم، والضحك، فإن لها أثرا كبيرا في النفوس وتعكس حالة المتكلم بالإيجاب والسلب!
- استعمال الأدوات المساعدة في حفظ الردود والرسائل الجاهزة، مثل تطبيق جوجل كيب وسويفت كي
- الصبر على دعوة الناس، فإن رأس مال الداعية الصبر على الناس وتحمل أذاهم.
بعض الدعاة إلى الله أول ما يتعلم دعوة غير المسلمين يتحمس جداً لإسلام بعض الأشخاص على يديه في أسرع وقت بل بعضهم يريد من غير المسلم أن يسلم مباشرة في يوم واحد أو ساعة واحدة !!!
وإذا لم يتحقق له ذلك تركه وذهب يبحث له عن شخص آخر وهكذا يكرر هذا الأسلوب مرات كثيرة وبسرعة عظيمة فإذا وجد أن جميع من دعاهم لم يقبلوا منه ولم يستجيبوا له ولم يسلم أحد على يديه يصاب بالإحباط واليأس ويأخذها نظرة عامة على بقية الناس ويترك الدعوة أو يكسل عنها ..
وهذا خطأ كبير عند بعض الدعاة المتحمسين والمتسرعين والمبتدئين في الدعوة يستغله الشيطان ليثبطهم ويخذلهم ويقول لهم ها أنتم قد أتعبتم أنفسكم ولم يستجب لكم أحد ويقذف في قلوبهم الإحباط واليأس ليصدهم ويصرفهم عن دعوة الناس ..
والحقيقة أن الدعوة إلى الله عز وجل سهلة ويسيرة جداً وليست صعبة ولكن هذا لا يعني أن الداعية سيلقى استجابة من الناس لدعوته مباشرة بدون تعب ومشقة وصبر وتحمل فإنه لابد من التعب والمشقة والصبر على الناس وتحملهم والاستمرار في دعوتهم، فإنه ليس من السهل على الناس تغيير جميع عقائدهم وأفكارهم وقناعاتهم في يوم واحد أو لحظة واحدة ..
وأخيرا أيها الداعية : اعلم أن الله عز وجل هو الذي يهدي من يشاء متى يشاء أينما يشاء على يد من يشاء ، وما أنت إلا مبلغ لدين الله عز وجل تقوم بواجبك في تبليغ الناس الدعوة وإقامة الحجة عليهم فقط، وليس عليك هداهم ..
واعلم أنه ليس شرطاً أن يسلم الشخص على يدك حتى تكسب أجره .. لا أبداً ! فقد تكون أنت أول من فتح عينه على الإسلام وغرس في قلبه البذرة الأولى للبحث عن الإسلام والتعرف عليه وربما يسلم يوماً ما على يد غيرك .. ولكن الله عز وجل يعلم أنك أنت السبب الأول في هدايته وإسلامه ويكون لك مثل أجره ..
أحكام هامة في دعوة غير المسلمين:
1-حكم من اشترط استمراره على فعل محرم بعد إسلامه.
كالمراة تريد أن تسلم وتظل على ترك الحجاب أو شرب الخمر أو غير ذلك، فنحو هذا وأضرابه: يصح فيه إسلام المرء على الشرط الفاسد تأليفا لقلبه، وبعد ذلك يعلم ويلزم بالأحكام، فإن قبلها وإلا فدخوله الإسلام صحيحا لا إشكال فيه، وقد ورد عدد من الأدلة تثبت ذلك، منها:
أ-عن نصر بن عاصم عن رجل أنه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أنه لا يصلي إلا صلاتين فقبل ذلك منه. وفي لفظ آخر له: على أن لا يصلي إلا صلاة فقبل منه.
وأما معناه فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك منه تأليفًا له في الدخول في الإسلام، ويؤمر بالقيام بكل الصلوات بعد ذلك ويلقي الله في قلبه القبول، ولهذا نظائر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ما أورده صاحب منتقى الأخبار مع الحديث المذكور تحت باب (صحة الإسلام مع الشرط الفاسد)
ب- وعن وهب قال: سألت جابرا عن شأن ثقيف إذ بايعت، فقال اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول: «سيتصدقون ويجاهدون».
ج-وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «أسلم»، قال: أجدني كارها، قال: “أسلم وإن كنت كارها”.
د-وروى أحمد والنسائي عن حكيم قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أخر إلا قائمًا. أي أنه لا يركع في الصلاة، بل يقرأ ثم يسجد من غير ركوع.
وهذه الأحاديث كلها تثبت صحة إسلام المرء على الشرط الفاسد على سبيل الترغيب له في الإسلام، وعدم اعتبار شروطهم هذه الفاسدة بل لو دخلوا في الإسلام يوفقهم الله تعالى للتسليم للدين كله.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم بعد ذكر هذه الأحاديث: وأخذ الإمام أحمد بهذه الأحاديث وقال يصح الإسلام على الشرط الفاسد، ثم يلزم شرائع الإسلام كلها، ولا يخفى أن هذا فيمن يراد تأليفه على الإسلام من غير المسلمين. اهـ
وكثيرا ما نجد أناسا يتوقفون من الإسلام خوفا من الختان مثلا أو ترك زوجها، فينبغي على الداعية أن يترفق في هذا وأن يعلم أن دخوله الإسلام وبقائه على معصية وإن كبرت أفضل عند الله عز وجل، وهذا هو فقه الأولويات ومراعاة المصالح والمفاسد!
هذا في ترك واجب أو فعل محرم، أما أن يشترط فعل كفر فلا يجوز إجماعا، كمن يشترط أن يسلم ويظل يعبد المسيح مثلا، فهذا لا يصح مطلقًا!.
2- حكم إخفاء المسلم إسلامه؟
العامل في مجال دعوة غير المسلمين، يلحظ هجمة شرسة على المسلمين الجدد من قبل أقرب الناس إليهم، وكنت أتكلم يوما مع أخ سويسري، أكرمه الله عز وجل ونطق الشهادة، فطلبت منه أن يخبرني ماذا فعل أهله وأصدقائه معه بعد إسلامه، فقال لي ” أعز أصدقائي تركني واتهمني بالجنون، ولا يجلس معي الآن” والعجيب أن هذا الأخ يبلغ من العمر 55 عاما، فكيف خفتت الصداقة بينه وبين صاحبه لمجرد إسلامه!!! والله المستعان
وأيضا أخت أسبانية لا تستطيع أن تصلي إلا في دورة المياه خوفا من زوجها، وأخرى هددها زوجها بالقتل إن لم تترك الإسلام، فهربت وتركت البيت! وهناك العديد من القصص التي تقشعر لسماعها الأبدان.
وقد راعى الإسلام هذه المسالة، فقد أجمع العلماء على أنه لا يشترط لصحة الإسلام إشهارُه، لكن يجب عليه الاعتقاد الصحيح والنطق بكلمة التوحيد فيما بينه وبين الله تعالى، وإخفاء الإسلام قد يكون فيه مصلحة شرعية معتبرة لما يترتب على الإشهار من الضرر والأذى لمن أسلم، وفي القرآن الكريم دليل على جواز ذلك، قال الله تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) [سورة غافر الآية: 28]؛ فهذا الرجل مؤمن بنصِّ القرآن مع أنه كان يُخفي إيمانه عن فرعون وقومه خوفًا على نفسه، وكذلك ثبت في السُّنَّة النبويَّة في قصة إسلام أبي ذرٍّ الغِفاري رضي الله عنه حين قال له الرسول ﷺ: “يا أبا ذر اكتم هذا الأمر” (أمر إسلامه).
بناء عليه: فإذا كان إعلان -إشهار- إسلامه فيه ضرر لا يُحتمل فلا مانع من كتم إيمانه، بشرط أن لا يفعل ما يدل على أنه كافر كسجود لصنم مثلًا.. ونحوه، إلا في حالة الإكراه كما قال الله تعالى: (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [سورة النحل آية: 106]
وعليه فالأمر يرجع إلى المصلحة والمفسدة، فإن كان إظهار إسلامه لا يخشى من عواقبه، فإظهاره هو المطلوب، وإلا فلا
2- تغيير الأسم:
لا ينبغي أن يسارع الداعية إلى تغيير اسم المسلم الجديد، لان ذلك قد يسبب له حرجا كبير وضررا بالغا في حياته الشخصية والأسرية، لكن إن كان ذلك ممكنا معه، فلا شك أن ارتباطه باسم جديد يقوي ارتباطه بالإسلام ويبني ولائه له.
3- الأغتسال.
وللعلماء فيها قولان: قول بالوجوب وقول بالاستحباب، إلا أنه قد يكون غير متيسر عند المسلم الجديد فعله، فينبغي أن لا نسارع في ذلك حتى نتأكد من أن وضعه يسمح له بذلك.
4- حكم الرجل الذي يسلم ومعه امراة غير مسلمة.
إن كانت كتابية فله أن يبقيها وتظل زوجته ولا حرج في ذلك، وأما إن كانت غير ذلك، فيجب تطليقها. وإن كان متزوجا أكثر من أربعة، يطلق من يشاء منهن ويبقي أربعة.
5- حكم المسلمة مع زوجها الكافر.
الأصل أنها لا تمكنه من نفسها وأنها تنفصل عنه إذا انقضت العدة ولم يسلم، إلا أن هذا الأمر من أصعب النفوس وأشدها بلاء على الأخوات، وقد لا يطقن ذلك، ولذا ينبغي مراعاة المصلحة والمفسدة هنا، فبعض الأخوات إذا ألزمن بترك زوجها قد ترجع للكفر بعد الإيمان، وهذا واقع وموجود، وقول ابن القيم في هذه المسالة قول وجيه وخلاصته أن العقد متوقف على إسلام الزوج، وعليه أن يسلم ،فإن أبي فهي بالخيار، إن شاءت تزوجت غيره وإن شاءت انتظرته حتى يسلم، بشرط أن لا تمكنه من نفسها.
وإن ضعفت نفسها وخافت على أبنائها فمكنته من نفسها، تكون بذلك آثمة غير كافرة، وبقائها في الإثم أهون من رجوعها للكفر، ويحرص الداعية أن يوصلها إلى أقرب مركز إسلامي في بلدها ويبلغهم بوضعها حتى يكونوا عونا لها في هذا الأمر.
6- تعليم المسلم الجديد
يجب تعليم المسلم الجديد أحكام دينه وما تصح به عقيدته وتصلح به عباداته ويستقيم به سلوكه، كما يفضل أن يكون له معلم خاص في بادئ الامر ،كما يحرص الداعية على إيصاله بأقرب مركز سني حتى يندمج معهم، ومن المواقع المفيدة التي توفر عناوين المراكز الإسلامية موقع جمعية تبليغ الإسلام ويتم تعليمه حسب منهج أسورة اليقين في تعليم المسلمين، ومع مراعاة النصائح المذكورة في بحث ” أبجديات”
7- تسجيل بيانات المسلم الجديد
يحرص الداعية على تسجيل بيانات المسلمين الجدد معه كي يرجع إليها إذا احتاجها مستقبلا للاطمئنان عليه أو إرساله إلى مركز إسلامي في بلده، أو إرساله إلى معلم خاص يعلمه ويتابعه.